مجلس الشورى السعودي- تحديات التغيير، تطلعات المستقبل
المؤلف: غسان بادكوك08.08.2025

على الرغم من أنني لا أملك معلومات قاطعة، إلا أنني أرجح أنه بحلول الوقت الذي تُطالعون فيه هذا المقال، ستكون قائمة الأسماء الموقرة لأعضاء مجلس الشورى في دورته السابعة المقبلة قد استكملت، أو أوشكت على الاكتمال. وإذا أخذنا في الاعتبار أن نظام المجلس يقتضي تغيير نصف عدد الأعضاء مع كل دورة جديدة، فمن المؤكد حينئذ انضمام ما لا يقل عن خمسة وسبعين عضواً جديداً إلى المجلس للمرة الأولى (وذلك بافتراض ثبات عدد الأعضاء الحالي). ومن المتوقع أن يبدأ سريان التعيينات الشورية المرجوة اعتباراً من الثالث من شهر ربيع الأول القادم؛ وهو التاريخ المحدد لانطلاق الدورة الجديدة رسمياً. وبطبيعة الحال، فإن إغناء المجلس بدماء جديدة وبما يعادل 50% من قوام أعضائه، يُعد في حد ذاته تحولاً هاماً على الصعيد (البرلماني)، حيث أنه يُضفي حيوية متجددة على المجلس من خلال إضافة خبرات ومهارات وكفاءات مختارة بعناية فائقة؛ ومن المأمول أن تُسهم هذه الكفاءات في الارتقاء بالأداء الشوري إلى مستويات أعلى.
ومع دنو موعد انطلاق الدورة الجديدة لمجلس الشورى، والتي ستُفتتح بالخطاب الملكي السامي في الخامس عشر من ربيع الأول القادم، يتزايد شغف المجتمع وتطلعه للإعلان عن أسماء التشكيلة الجديدة للأعضاء، ربما خلال الأيام القليلة المقبلة. هذه المناسبة الجليلة، التي لا تتكرر إلا مرة واحدة كل أربع سنوات، قد أثارت في ذهني طيفاً واسعاً من الأفكار والرؤى والتساؤلات؛ سواء تلك المتعلقة بمجلس الشورى ذاته، أو بالمتغيرات الأخرى المحتملة؛ التي قد يكون للمجلس دور أو صلة بها خلال المرحلة المقبلة، ومن بين هذه التساؤلات:
1ــ هل ستشهد الفترة المقبلة اتجاهاً حثيثاً نحو توسيع نطاق مشاركة المرأة السعودية في الحياة السياسية، والوصول بدورها في صناعة القرار الوطني إلى آفاق أرحب، وذلك من خلال تمثيلها الفاعل في مواقع المسؤولية العليا في هيكل الجهاز التنفيذي للحكومة؟
2ــ إلى أي مدى يمكن أن تشهد سنوات الدورة القادمة طرح ومناقشة أفكار مبتكرة وغير مألوفة محلياً؛ قد يشمل ذلك دراسة إمكانية انتخاب أعضاء مجلس الشورى، أو حتى نسبة معينة منهم، في الدورة الثامنة أو في دورات لاحقة؟
3ــ ما هي السبل الكفيلة بتعزيز دور المجلس في دورته القادمة، بمنحه صلاحيات إضافية تمكنه من أداء وظائفه الرقابية والتشريعية بكفاءة أعلى، على غرار منحه صلاحية مراجعة الميزانية العامة وإقرارها، أو استدعاء الوزراء للمساءلة؟
4ــ هل من الوارد النظر في إمكانية الانتقال بنظام الشورى السعودي إلى مرحلة أكثر تقدماً وتطوراً، وذلك من خلال إنشاء غرفة ثانية منتخبة الأعضاء للمجلس، مع الإبقاء على الغرفة الحالية المعينة الأعضاء؟
5ــ ما هي الإمكانات المتاحة لتضمين التشكيلة الجديدة للمجلس تمثيلاً أوسع لشريحة الشباب من كلا الجنسين؛ وهو الأمر الذي من شأنه أن يسهل فهماً أعمق لتطلعاتهم واحتياجاتهم، واستفادة أكبر من طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية؟
على الرغم من أن التساؤلات السابقة تتردد بين الفينة والأخرى في المجالس الخاصة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإنني أرى أنه من الصعوبة بمكان أخذها في الحسبان، على الأقل خلال الفترة الراهنة، وذلك بالنظر إلى طبيعة أولوياتنا في الوقت الحاضر. إضافة إلى ذلك، فإن وتيرة المتغيرات المتسارعة التي تشهدها بلادنا حالياً على الصعيدين المالي والاقتصادي تتطلب تركيزاً مضاعفاً في التعامل مع المسائل الأكثر أهمية، وتأجيل المسائل الأقل إلحاحاً، هذا فضلاً عن تأثير الأوضاع السياسية والعسكرية المتقلبة على المستويين الإقليمي والدولي، وهي بالتأكيد متغيرات جوهرية تختلف إلى حد كبير عن الأوضاع التي كانت سائدة خلال تشكيل الدورات السابقة للمجلس.
وعندما يتعلق الأمر بتطوير نظام الشورى، فإن خيار انتخاب الأعضاء يظل من بين أكثر الموضوعات إثارة للجدل، لا سيما في أوساط النخب المثقفة والمحللين السياسيين، وذلك لأن إقرار مبدأ الانتخاب يُعد الخطوة الأولى على طريق الديمقراطية بمفهومها الشامل، ليس فقط باعتبارها أحد أشكال الممارسة السياسية، بل أيضاً لأنها قبل ذلك هي ثقافة أخلاقية ومجتمعية راسخة، لا يمكن القفز إليها دون مقدمات تمهد لها الطريق وتضمن ممارستها على الوجه الأمثل، لاسيما وأن الديمقراطية تتمحور حول فكرة تداول السلطة وفقاً لرأي الأغلبية؛ وهنا بالتحديد يكمن التعارض الجوهري بين النموذج الديمقراطي للحكم وبين شريعتنا السمحة، لأن العبرة ليست في تفضيلات الأكثرية ولا في رأي الأغلبية، بقدر ما هي في الامتثال لشرع الله القويم.
الموضوع السابق يثير بدوره مجموعة من التساؤلات الهامة، ومن بينها:
1ــ ما مدى استعدادنا وجاهزيتنا لتطبيق الخيار الديمقراطي؟، خاصة وأن المملكة هي مهبط الإسلام ومنبع الرسالة، وهي الدولة التي تطبق مبدأ الشورى، الذي يُعد البديل الشرعي الأمثل للديمقراطية، خصوصاً وأن بلادنا تحتضن قبلة المسلمين وأقدس مقدساتهم.
2ــ هل يمكن ابتكار نسخة سعودية خاصة من الديمقراطية؟، وهل الاختلافات الجوهرية بين الشورى المطبقة في المملكة وبين الديمقراطية بشكلها الغربي تحول دون المضي قدماً في تطوير تجربتنا الشورية الفريدة؟
3ــ هل نحن – كسعوديين – مؤهلون لخوض انتخابات نيابية غالباً ما ستعتمد على الولاءات القبلية أو المناطقية أو العشائرية المتنوعة، كما هو مشاهد في بعض الدول، بدلاً من أن تستند إلى البرامج الانتخابية الواقعية للمرشحين؟
4ــ هل يمكن لأي تجربة برلمانية بالمفهوم الديمقراطي الغربي أن تنجح في المملكة، دون تهيئة المجتمع مسبقاً على مبدأ المشاركة الشعبية الفعالة، أولاً من خلال التعليم والإعلام التوعوي، وثانياً على مدى سنوات طويلة من العمل الجاد؟
وبطبيعة الحال، فإن الإجابة على التساؤلات السابقة، وغيرها من التساؤلات المماثلة، تتفاوت إلى حد كبير، وتعتمد على عوامل عديدة ومتشابكة، أهمها وأولها إرادة القيادة الرشيدة، التي لها الكلمة الفصل في هذا الموضوع الحيوي، بالإضافة إلى جملة عوامل أخرى، من بينها مدى وعي المواطنين، ومستويات تعليمهم العام والشرعي، ومدى فهمهم العميق للتفسيرات والأحكام الفقهية المتعلقة بأمور الحكم والولاية العامة. ولكن قبل محاولة الإجابة على تلك الأسئلة الجوهرية، هناك باقة من التساؤلات الفرعية التي ينبغي طرحها أولاً، وهي: لماذا نناقش من الأساس موضوعاً بالغ الأهمية كهذا؟، وهل من حقنا – كمواطنين – أن نخوض في نقاشه؟، وإذا كانت الإجابة بنعم، فمن هم المخولون بالخوض في هذا النقاش؟، هل هم عامة الناس؟ أم رجالات الدولة؟ أم ربما النخبة من المثقفين والمفكرين وخبراء الإعلام وعلماء السياسة؟.
في الختام، أعتقد أنه من السابق لأوانه الإجابة بشفافية تامة على التساؤلات السابقة، حيث لم نعتد بعد على هكذا نقاشات علنية وصريحة، لأن الحديث عن الديمقراطية يظل موضوعاً حساساً في مجتمع كمجتمعنا، الذي يمتلك منظومة قيم ومفاهيم إسلامية راسخة، يعتقد الكثيرون أنها تتعارض مع النهج الديمقراطي الغربي. وفي الوقت ذاته، فإننا حتماً لن نتمكن من منع الناس من التفكير في هذا الموضوع أو التباحث حوله في مجالسهم الخاصة، وربما سنسمح مستقبلاً بمناقشته في مؤسساتنا التشريعية وقنوات إعلامنا الرسمية، ويعود السبب في ذلك إلى تطلع الناس الدائم إلى المزيد من الاطمئنان على مستقبل بلادنا الزاهر، وانعكاسات ذلك على معيشة المواطنين الكرام، واستقرار المجتمع وازدهاره، وتحقيق تطلعاتنا الطموحة التي تضمنتها رؤية المملكة 2030.
ومع دنو موعد انطلاق الدورة الجديدة لمجلس الشورى، والتي ستُفتتح بالخطاب الملكي السامي في الخامس عشر من ربيع الأول القادم، يتزايد شغف المجتمع وتطلعه للإعلان عن أسماء التشكيلة الجديدة للأعضاء، ربما خلال الأيام القليلة المقبلة. هذه المناسبة الجليلة، التي لا تتكرر إلا مرة واحدة كل أربع سنوات، قد أثارت في ذهني طيفاً واسعاً من الأفكار والرؤى والتساؤلات؛ سواء تلك المتعلقة بمجلس الشورى ذاته، أو بالمتغيرات الأخرى المحتملة؛ التي قد يكون للمجلس دور أو صلة بها خلال المرحلة المقبلة، ومن بين هذه التساؤلات:
1ــ هل ستشهد الفترة المقبلة اتجاهاً حثيثاً نحو توسيع نطاق مشاركة المرأة السعودية في الحياة السياسية، والوصول بدورها في صناعة القرار الوطني إلى آفاق أرحب، وذلك من خلال تمثيلها الفاعل في مواقع المسؤولية العليا في هيكل الجهاز التنفيذي للحكومة؟
2ــ إلى أي مدى يمكن أن تشهد سنوات الدورة القادمة طرح ومناقشة أفكار مبتكرة وغير مألوفة محلياً؛ قد يشمل ذلك دراسة إمكانية انتخاب أعضاء مجلس الشورى، أو حتى نسبة معينة منهم، في الدورة الثامنة أو في دورات لاحقة؟
3ــ ما هي السبل الكفيلة بتعزيز دور المجلس في دورته القادمة، بمنحه صلاحيات إضافية تمكنه من أداء وظائفه الرقابية والتشريعية بكفاءة أعلى، على غرار منحه صلاحية مراجعة الميزانية العامة وإقرارها، أو استدعاء الوزراء للمساءلة؟
4ــ هل من الوارد النظر في إمكانية الانتقال بنظام الشورى السعودي إلى مرحلة أكثر تقدماً وتطوراً، وذلك من خلال إنشاء غرفة ثانية منتخبة الأعضاء للمجلس، مع الإبقاء على الغرفة الحالية المعينة الأعضاء؟
5ــ ما هي الإمكانات المتاحة لتضمين التشكيلة الجديدة للمجلس تمثيلاً أوسع لشريحة الشباب من كلا الجنسين؛ وهو الأمر الذي من شأنه أن يسهل فهماً أعمق لتطلعاتهم واحتياجاتهم، واستفادة أكبر من طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية؟
على الرغم من أن التساؤلات السابقة تتردد بين الفينة والأخرى في المجالس الخاصة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإنني أرى أنه من الصعوبة بمكان أخذها في الحسبان، على الأقل خلال الفترة الراهنة، وذلك بالنظر إلى طبيعة أولوياتنا في الوقت الحاضر. إضافة إلى ذلك، فإن وتيرة المتغيرات المتسارعة التي تشهدها بلادنا حالياً على الصعيدين المالي والاقتصادي تتطلب تركيزاً مضاعفاً في التعامل مع المسائل الأكثر أهمية، وتأجيل المسائل الأقل إلحاحاً، هذا فضلاً عن تأثير الأوضاع السياسية والعسكرية المتقلبة على المستويين الإقليمي والدولي، وهي بالتأكيد متغيرات جوهرية تختلف إلى حد كبير عن الأوضاع التي كانت سائدة خلال تشكيل الدورات السابقة للمجلس.
وعندما يتعلق الأمر بتطوير نظام الشورى، فإن خيار انتخاب الأعضاء يظل من بين أكثر الموضوعات إثارة للجدل، لا سيما في أوساط النخب المثقفة والمحللين السياسيين، وذلك لأن إقرار مبدأ الانتخاب يُعد الخطوة الأولى على طريق الديمقراطية بمفهومها الشامل، ليس فقط باعتبارها أحد أشكال الممارسة السياسية، بل أيضاً لأنها قبل ذلك هي ثقافة أخلاقية ومجتمعية راسخة، لا يمكن القفز إليها دون مقدمات تمهد لها الطريق وتضمن ممارستها على الوجه الأمثل، لاسيما وأن الديمقراطية تتمحور حول فكرة تداول السلطة وفقاً لرأي الأغلبية؛ وهنا بالتحديد يكمن التعارض الجوهري بين النموذج الديمقراطي للحكم وبين شريعتنا السمحة، لأن العبرة ليست في تفضيلات الأكثرية ولا في رأي الأغلبية، بقدر ما هي في الامتثال لشرع الله القويم.
الموضوع السابق يثير بدوره مجموعة من التساؤلات الهامة، ومن بينها:
1ــ ما مدى استعدادنا وجاهزيتنا لتطبيق الخيار الديمقراطي؟، خاصة وأن المملكة هي مهبط الإسلام ومنبع الرسالة، وهي الدولة التي تطبق مبدأ الشورى، الذي يُعد البديل الشرعي الأمثل للديمقراطية، خصوصاً وأن بلادنا تحتضن قبلة المسلمين وأقدس مقدساتهم.
2ــ هل يمكن ابتكار نسخة سعودية خاصة من الديمقراطية؟، وهل الاختلافات الجوهرية بين الشورى المطبقة في المملكة وبين الديمقراطية بشكلها الغربي تحول دون المضي قدماً في تطوير تجربتنا الشورية الفريدة؟
3ــ هل نحن – كسعوديين – مؤهلون لخوض انتخابات نيابية غالباً ما ستعتمد على الولاءات القبلية أو المناطقية أو العشائرية المتنوعة، كما هو مشاهد في بعض الدول، بدلاً من أن تستند إلى البرامج الانتخابية الواقعية للمرشحين؟
4ــ هل يمكن لأي تجربة برلمانية بالمفهوم الديمقراطي الغربي أن تنجح في المملكة، دون تهيئة المجتمع مسبقاً على مبدأ المشاركة الشعبية الفعالة، أولاً من خلال التعليم والإعلام التوعوي، وثانياً على مدى سنوات طويلة من العمل الجاد؟
وبطبيعة الحال، فإن الإجابة على التساؤلات السابقة، وغيرها من التساؤلات المماثلة، تتفاوت إلى حد كبير، وتعتمد على عوامل عديدة ومتشابكة، أهمها وأولها إرادة القيادة الرشيدة، التي لها الكلمة الفصل في هذا الموضوع الحيوي، بالإضافة إلى جملة عوامل أخرى، من بينها مدى وعي المواطنين، ومستويات تعليمهم العام والشرعي، ومدى فهمهم العميق للتفسيرات والأحكام الفقهية المتعلقة بأمور الحكم والولاية العامة. ولكن قبل محاولة الإجابة على تلك الأسئلة الجوهرية، هناك باقة من التساؤلات الفرعية التي ينبغي طرحها أولاً، وهي: لماذا نناقش من الأساس موضوعاً بالغ الأهمية كهذا؟، وهل من حقنا – كمواطنين – أن نخوض في نقاشه؟، وإذا كانت الإجابة بنعم، فمن هم المخولون بالخوض في هذا النقاش؟، هل هم عامة الناس؟ أم رجالات الدولة؟ أم ربما النخبة من المثقفين والمفكرين وخبراء الإعلام وعلماء السياسة؟.
في الختام، أعتقد أنه من السابق لأوانه الإجابة بشفافية تامة على التساؤلات السابقة، حيث لم نعتد بعد على هكذا نقاشات علنية وصريحة، لأن الحديث عن الديمقراطية يظل موضوعاً حساساً في مجتمع كمجتمعنا، الذي يمتلك منظومة قيم ومفاهيم إسلامية راسخة، يعتقد الكثيرون أنها تتعارض مع النهج الديمقراطي الغربي. وفي الوقت ذاته، فإننا حتماً لن نتمكن من منع الناس من التفكير في هذا الموضوع أو التباحث حوله في مجالسهم الخاصة، وربما سنسمح مستقبلاً بمناقشته في مؤسساتنا التشريعية وقنوات إعلامنا الرسمية، ويعود السبب في ذلك إلى تطلع الناس الدائم إلى المزيد من الاطمئنان على مستقبل بلادنا الزاهر، وانعكاسات ذلك على معيشة المواطنين الكرام، واستقرار المجتمع وازدهاره، وتحقيق تطلعاتنا الطموحة التي تضمنتها رؤية المملكة 2030.